وما ثورة إيران عنا ببعيد

وما ثورة إيران عنا ببعيد

  • وما ثورة إيران عنا ببعيد !
  • بقلم/ المفكر الإسلامي الأستاذ محمد غالاي انجاي – بروكسل
  • مدير معهد المحراب ببروكسل، 


  •  وما ثورة إيران عنا ببعيد!

يقول الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت: "خير للإنسان أن لا يبحث عن الحقيقة إن لم يكن له منهج". إن حزب باستيف في هذه المرحلة الحرجة والعصيبة يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى منهج جديد محدد وحكيم لمواجهة دكتاتورية حكومة ماكي سال. كما يجب أيضا أن يرافق هذا المنهج تخطيط وتنسيق يتمان في سرية تامة حتى يقتدر الحزب - بعد اعتقال رأس الحربة أي الزعيم عثمان سونكو – على لم شمله وجمع شتاته من زاوية، والعمل بجدية على وضع حيز التنفيذ ما سيتبناه من استراتيجية من أجل جعل المقاومة أكثر كثافة وأكثر تأثيرا على الصعيدين المحلي والعالمي من زاوية أخرى. إن حل حزب باستيف من قبل الحكومة لا معنى له بالنسبة لأنصار الحزب إلا السعي في تغيير قنوات المقاومة، وثمة حكمة تقول : "كل حالة طارئة تفرض تغيير جديد". بعبارة أبلج، الظروف الراهنة تفرض على الباستيفيين ابداع استراتيجية جديدة لكي يكونوا على مستوى الأحداث من حيثيات التجاوب والاستجابة المؤثرة. لا ريبة في أن نجاح حكومة ماكي سال الجائرة في سجن الزعيم المعارض عثمان سونكو وتقليص حدة الثورة التي اندلعت مساء يوم الجمعة 28 يوليو 2024م بعد انتشار خبر القبض على الزعيم، أي سونكو، يستند إلى ركزتين أساسيتين: 

 الأولى اختيار الوقت المناسب، نعني انتهاء امتحانات طلبة الثانوية وإغلاق المدارس أبوابها ومغادرة أكثر الطلبة الوافدين العاصمة دكار متجهين صوب أقاليمهم الأصلية، الأمر الذي لا شك أثر بكل تأكيد في تلاشي حدة الثورة وتوقفها.  

 الثانية : قرار الحكومة بتعطيل خدمات الانترنت، وهذا الإجراء كان حاسما في توهين دينامية الثورة، ذلك لأن الثوريين لم يكن بينهم تنسيق أصلا، بل كان تحركهم ونشاطهم في الميدان مع الأسف شبه عشوائي. 

ومن هذا المنطلق نرتئي أن ثمة حاجة ملحة في تغيير المنهج والاستراتيجية حتى تكون الكرة المقبلة مجدية ومثمرة، بل مصيرية حتمية تفضي إلى الإطاحة نهائيا بالدكتاتور وحكومته الغاشمة. وعليه، يجب حتما على كل زعماء حزب باستيف والباستيفيين الحركيين الخروج من البلد في أسرع وقت ممكن، لأن الحكومة ستطاردهم من كل الجهات وبكل الوسائل المتاحة لها. كما أن على الباستيفيين أيضا أن يرفضوا تلبية أي استدعاء من الأمن أو الشرطة، إنها لحرب شرسة معلنة ضدهم، والحرب يكسبها من كان أكثر اعدادا لها. نقول ذلك لأن هذه الحكومة الغاشمة لن يهدأ لها بال حتى تستأصل جذور الحزب وتقبض على كل زعمائه وأنصاره المؤثرين وتزجهم في السجون أو تضع حدا نهائيا لحياتهم جميعا. فالحكومة تطبق خطة القتل والقمع والتهويل والسجن والتعذيب لإجهاض الثورة في أدمغة أصحابها في المقام الأول، ووضع حد نهائي لحزب باستيف المناضل في المقام الثاني. لذلك لا تراعي في تصرفاتها حقوق المواطنين البتة ولا تكترث بالمرة إن هي طبقت القانون على الوجه الصحيح أم لا! إنها تنقاد وفق رغباتها وهواياتها مُغطيةً كل ما ترتكب من اعتداءات ومهاترات وانتهاكات بغطاء القانون، فكل ما يهم هذه الحكومة هو الوصول إلى هدفها بأية وسيلة أو كيفية ممكنة! هذا وإن كانت ما ترتكب تعد شناعات وفضائح يندى لها الجبين! فالغاية عندها تبرر الوسيلة! وإذا كان الأمر كذلك، فمن الآن فصاعدا فليغير حزب باستيف خطته ومنهجه في التعامل مع أنصاره من ناحية، وأعدائه من ناحية أخرى. كل الأنشطة والمهامات الداخلية يجب تخويل أمرها للجاليات التي تقيم بأرض المهجر، وأخص منها بالذكر تلك التي تعيش في أحضان الغرب، وذلك لأمور معلومة، فالغرب على نحو عام أكثر تجاوبا مع حقوق الآدميين وكرامتهم حفظا وحصانة، وأكثر حرصا أيضا على نصرة الديمقراطية وحرية التعبير. فمن الآن يجب أن تكون جبهة المقاومة من الخارج بأرض المهجر، لا من الداخل إلا للضرورة. ويمكن أن نستلهم من التاريخ القريب، نعني مع آية الله روح الله الخميني الذي قاد الثورة الإسلامية الإيرانية من منفاه في فرنسا حتى نجحت وآتت أكلها. غير خاف أن التجارب الماضية تعلمنا أن النظم الدكتاتورية لا تُقاوَم من الداخل فقط، بل لا بد للإطاحة بها من تكوين جبهة أو جبهات قوية في خارج بلدانها وبمنأى عن أماكن سيطرتها وهيمنتها، وكذلك إشراك أطراف أخرى أجنبية تمس القضية التي نسعى لنُصرتها حساسيتها. وتجدر الإشارة من زاوية أخرى إلى أن السنغال في ظل الظروف العصيبة الحالية ليس فقط الباستيفيين هم الذين على خطر، بل الخطر شامل يحدق بكل سنغالي مهما كانت مكانته ووزنه في المجتمع، حتى وإن كان ينتظم في سلك الحزب الحاكم! لا يعزب عن بال أحد أن النظم الدكتاتورية لا تعرف الرحمة والشفقة، إنها تنقاد وفق مصالحها ورغباتها، وقادرة من أجل البقاء والديمومة على التضحية ببعض عناصرها إن رأت لزوم ذلك. بحق إن الطاغية ماكي سال يذعن لهواه ومطاوع لغيظه وحنقه ضد الزعيم سونكو وأنصاره، إنه فقد كل وعي يليق بمن في قامته، بعبارة أخرى إنه يتصرف على عكس مقولة شهيرة تفوه بها الامبراطور نابليون بونابارت: "قلب رجل الدولة يجب أن يكون في رأسه"، أي أهمية إعمال العقل والتفكير السليم واتخاذ القرارات المستنيرة في رجل الدولة والقيادة السياسية الحكيمة واجتناب دوافع العاطفة والهوى وسيطرة القوة الغضبية! بينما نجد بالمقابل – مع الأسف الشديد – حزب باستيف تنطبق عليه مقولة الزعيم الثوري الكُوبي تشي جيفارا: "الحق الذي لا يستند إلى قوة تحميه يعد باطلا في شرع السياسة". فالدولة سعت بكل ما لديها من قوة وتأثير وتهويل في إلجام كثير من رجال الدين والمؤسسات الإسلامية ووسائل الإعلام ورجال الأعمال وغيرها! فالأغلبية من هذه الفئات تعزف على أوتار الحكومة خوفا من ضياع بعض امتيازاتها أو خوقا من غد مجهول. ومن هذا المنطلق ندرك أن السنغال في عهد الدكتاتور الفاشي ماكي سال لم تعد كما كانت، بل انقلبت رأسا على عقب، حيث صارت جهنم على كل مواطن غيور ومحب لها، بدل أن تكون جنة نعيم! كانت السنغال في السابق مشتهرة بين دول العالم بديمقراطيتها المثالية ومسالمة أهلها، تعاقب رؤساؤها منذ استقلالها عام 1960م بشكل سلمي دون أن تعرف انقلابا عسكريا. لذلك كان الانتماء إلى هذا البلد العريق يشكل عزا وفخرا. وينضاف إلى ذلك الشهرة الواسعة التي يتمتع بها بعض أعلامها وكوادرها المستنيرين الذين تميزوا برجاحة العقل والاتزان والثقافة الواسعة. 

وننهي هذه المقالة بالخطاب التاريخي الذي ألقاه الزعيم عثمان سونكو في إحدى المناسبات، وهو خطاب من الأهمية بمكان في وضعيتنا الراهنة، يجب أن يرن باستمرار على الآذان الصاغية والواعية ليل نهار كمحفز للشعب والشباب بصفة خاصة للسير قدما في درب المقاومة رغم أنوف المثبطين.


Je m’adresse singulièrement à cette jeunesse, prise en étau, angoissée par un avenir sans horizon, minée par le chômage et la honte de ne pouvoir se réaliser et aider ses parents, engloutie dans les océans ou le désert à la recherche désespérée d'un hypothétique ailleurs meilleur. À cette jeunesse je rappelle ce qui nous lie, parce que tout le monde sait qu'il y a un lien particulier entre nous et la jeunesse. Ce qui nous lie c'est l'idéal d'une société juste dont les richesses et les ressources seront partagées équitablement et où toutes les chances seront égales. O frères et sœurs Africains, l'heure de notre révolution a sonné. N'acceptons plus ces petits présidents comploteurs, toujours à la solde de quelqu'un mais jamais au service de leur peuple. Partout en Afrique doit souffler un vent nouveau de liberté, de démocratie et de souveraineté. Le 21eme siècle doit être Africain et siffler le réveil du Phénix endormi depuis trop longtemps.

Président Ousmane Sonko


"إني أخاطب بشكل خاص هؤلاء الشباب الذين وُضعوا بين فكي الكماشة [أي ضيق العيش]، قلقين من مستقبل بلا أفق، تُقوّضهم البطالة والعار نتيجة عدم تحقيق النجاح ومساعدة والديهم، غارقين في خضم المحيطات أو الصحاري في بحث يائس عن معيشة أفضل في بقاع أُخر. إلى الشاب، أذكر بما يربطني بهم، لأن الكل يعلم أن ثمة علاقة خاصة بيني وبين الشباب. في الواقع، إن ما يربطنا هو المثل الأعلى لمجتمع عادل حيث تُوزع ثرواته وموارده بإنصاف، وتتكافأ فيه جميع الفرص. أيها الإخوة والأخوات الأفارقة، ساعة الثورة قد رنت. لن نقبل بعد الآن هؤلاء الرؤساء المتآمرين التافهين، الذين يعملون دائما لخدمة الآخر، وأبدا لخدمة شعوبهم! في كل أرجاء أفريقيا يجب أن تهب رياح جديدة من الحرية والديمقراطية والسيادة. القرن الواحد والعشرون يجب أيضا أن يكون أفريقية، وإعلانا لبداية يقظة طائر الفينيق الذي ظل عاكفا في نومه أمدا طويلا." الرئيس عثمان سونكو. / ترجمة: بروفيسور محمد غالاي انجاي – بروكسل-بلجيكا.

لعرض أو إضافة تعليق، يُرجى تسجيل الدخول