تحسين التحول الرقمي في العراق باستخدام الذكاء الاصطناعي
قبل يومين قمت بزيارة مركز اصدار البطاقة الوطنية الموحدة لاصدار البطاقات لكل افراد العائلة. هنالك الية معينة لتدقيق وادخال البيانات, قسم منها يدوي والاخر مدعوم بتطبيق برمجي, هذا التطبيق البرمجي وضع لتلافي البطء الحاصل من جراء التعامل الورقي وهذا يعتبر جزء من التحول الرقمي الواعد في بلد مثل العراق. مهلا, هذه ليست النهاية السعيدة لقصة حول التحول الرقمي في العراق.
طابور الانتظار للوصول لمدخل البيانات طويل وبطيء جدا رغم ان الية ادخال البيانات هي مدعومة بتطبيق برمجي وضع لتسريع العمل وزيادة انتاجية مدخل البيانات. البعض الذي اسعفهم الحظ وحصلوا على كراسي للانتظار وهم جالسين ضلوا جالسين لفترة طويلة ولم ياتي دورهم, اطفالي جالسين على الارض من شدة الملل والتعب ولم تسعفنا حقيقة اننا حصلنا على امتياز كوننا من سكنة محافظة اخرى فالطابور بطيء جدا ومدخل البيانات المسكين يعمل على تطبيق برمجي لا يوفر له الانتاجية والكفاءة التي تدعمها التقنيات المتوفرة حاليا. كل هذا زاد من فضولي لفهم الية التطبيق البرمجي لادخال البيانات وبدات اراقب من خلف شباك مدخل البيانات الية العمل واستطعت فهم خطوات الية ادخال البيانات وهي كالاتي:
1. تحويل جميع الاوراق الرسمية لكل افراد العائلة الى نسخة الكترونية باستعمال سكاننر وهي طلب البطاقة الوطنية, هوية الاحوال المدنية, شهادة الجنسية العراقية, بطاقة السكن, والمستندات الساندة.
2. ادخال معلومات هوية الاحوال المدنية لكل فرد بشكل يدوي للتطبيق البرمجي.
3. مقارنة معلومات كل فرد بالمعلومات الموجودة في صحيفة النفوس بشكل يدوي (عن طريق المقارنة مع صورة ماخوذة لصحيفة النفوس تعرض على شاشة التطبيق).
4. اخذ المعلومات البارومترية لكل فرد.
جميع الخطوات اعلاه تتطلب مجهود يدوي من قبل مدخل البيانات مما يجعل الوقت لادخال بيانات عائلة تتكون من 5 اشخاص (اب وام وثلاثة اطفال) يتجاوز النصف ساعة. طبعا هذا لا يقارن مع الية غير مدعومة بالتحول الرقمي ولكن هل يمكن جعل الالية اسرع باستخدام الذكاء الاصطناعي؟ طبعا يمكن, بالاخص الخطوة الثانية والثالثة. الخطوة الاولى ممكن اختصارها ببساطة وبدون ذكاء اصطناعي عن طريق جعل التقديم على طلب الحصول على البطاقة الوطنية بشكل الكتروني يتضمن رفع المستندات اعلاه بنسخة الكترونية اثناء تقديم الطلب من قبل المواطن او المكاتب التي تعمل على انشاء الطلبات حاليا.
لنعود للخطوة الثانية والثالثة, هذه ببساطة وظائف الذكاء الاصطناعي تسمى ال او سي ار القديمة نسبيا (تعود بداياتها لسنوات 1950) و كذلك كومبيوتر فيشن الاوسع نطاقا وهي وظائف استخلاص المعلومات من صور, ابتكر اول موديل ذكاء اصطناعي لقراءة الارقام المكتوبة باليد سنة 1989 من قبل العالم الفرنسي يان ليكان الذي يعمل حاليا كنائب الرئيس ورئيس علماء الذكاء الاصطناعي في ميتا (فيسبوك سابقا) وتطورت التقنية التي سميت الشبكة العصبية التلافيفية (كونفيلوشنال نيورال نيتورك) بشكل مخيف بعد ذلك وصولا لتقنية اخرى وهي المحولات (ترانسفورمرز) التي ابتكرت من قبل علماء غووغل عن طريق ورقة بحثية (اتينشن از اول يو نييد) سنة 2017 وهي الاساس للذكاء الاصطناعي التوليدي مثل جات جي بي تي والتي استخدمت في وظائف الكومبيوتر فيشن ايضا.
فلنعود لخطواتنا البطيئة, الخطوة الثانية يمكن ان تتم بشكل الي باستخلاص المعلومات باستخدام وظائف الذكاء الاصطناعي من النسخة الالكترونية للمستندات ويقتصر دور مدخل البيانات على التدقيق فقط. اما الخطوة الثالثة فهي كذلك ممكن ان تختصر عن طريق استعمال نفس تقنية استخلاص المعلومات من الصور وذلك بتحويل صور صحف النفوس لقاعدة بيانات ويتم التحقق من التطابق بين المعلومات في المستندات المرفوعة والمعلومات في قاعدة بيانات النفوس بشكل الي ويتم تنبيه مدخل البيانات من قبل التطبيق في حالة وجود عدم تطابق فقط.
ان الفوائد المتوقعة من استخدام انظمة مدعومة بالذكاء الاصطناعي تتظمن تسريع عملية إدخال البيانات و تقليل الوقت المستغرق في إدخال بيانات عائلة واحدة بشكل يدوي من نصف ساعة إلى بضع دقائق. تقليل الأخطاء البشرية من خلال الاعتماد على نظام آلي لتحليل البيانات. وتحسين تجربة المواطنين عن طريق تقليل وقت الانتظار وجعل العملية أكثر سلاسة وفعالية.
قد يكون الوقت قد تاخر على تطوير التطبيق البرمجي للبطاقة الوطنية الموحدة لكن التحول الرقمي في العراق هو في بداية المشوار ويجب ان نعلم ان الحصول على تحول رقمي مستدام لابد ان يدعم بالذكاء الاصطناعي اذ اصبح العالم يرى التطبيقات الغير مدعومة بالذكاء الاصطناعي كمن يعمل على الالة الكاتبة الميكانيكية في زمن الحاسبات الاكترونية. يجب ان يكون هنالك خبراء في الذكاء الاصطناعي ضمن فرق المعلوماتية في المؤسسات التي تحاول ان تطبق التحول الرقمي لتدقيق الاليات والانظمة الحالية لتشخيص اين يمكن ان ندعم هذه الاليات والانظمة بالذكاء الاصطناعي ولضمان ان تكون الانظمة المستقبلية مدعومة بالذكاء الاصطناعي.
ولكل مواطن .. مع هذه الدائرة .. قصة