مجموعة المعاصرون: تعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

يصادف اليوم الثالث من ديسمبر 2024 اليوم العالمي للاحتفاء بالأشخاص ذوي الإعاقة حيث يركز اليوم على موضوع "تعزيز قيادة الأشخاص ذوي الإعاقة من أجل مستقبل شامل ومستدام". يُبرز هذا الموضوع أهمية إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة في عمليات اتخاذ القرار، ويسلط الضوء على دورهم في خلق عالم أكثر شمولاً واستدامة.

تكتسب حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة اهتمامًا عالميًا باعتبارها جزءًا حيويًا من حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، مع تركيز الجهود على دمج الأفراد ذوي الإعاقة في المجتمع وسوق العمل. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات مثل الوصمة الاجتماعية، وغياب التسهيلات اللازمة، وقلة وعي أصحاب العمل. على الرغم من هذه العوائق، فإن شركات مثل "المعاصرون لصناعة الأكياس المنسوجة" في الأردن تقود الطريق كمثال يُحتذى به، حيث تُظهر التزامًا قويًا بالشمولية. ولا تقتصر جهود "المعاصرون" على الوفاء بالالتزامات الأخلاقية فقط، بل تُظهر أيضًا كيف يمكن للشمولية أن تُعزز الاستدامة والابتكار.

الوضع في الأردن

وفقًا لقانون العمل الأردني، يتوجب على الشركات توظيف نسبة معينة من الأشخاص ذوي الإعاقة كجزء من قواها العاملة لتعزيز الشمولية في مكان العمل. يُلزم القانون المؤسسات التي تضم بين 25 و50 موظفًا بتوظيف شخص واحد على الأقل من ذوي الإعاقة، بينما يُطلب من المؤسسات التي تضم أكثر من 50 موظفًا ضمان أن يشكل الأشخاص ذوو الإعاقة ما لا يقل عن 4% من قوتها العاملة. تقوم وزارة العمل بمراقبة الالتزام بهذه اللوائح.

وعلى الرغم من أن الامتثال لهذا القانون يمثل خطوة إيجابية، إلا أن التحدي الأكبر يكمن في تجاوز الامتثال الصوري نحو تحقيق دمج حقيقي. للأسف، في كثير من الحالات، يظل الأفراد ذوو الإعاقة مهمشين، مع بذل جهود محدودة لضمان أن بيئة العمل تلبي احتياجاتهم الفريدة. كما أن التحديات في تنفيذ القانون أدت إلى انخفاض نسب التوظيف عن الحد المطلوب، مما يبرز الحاجة إلى بذل جهود مستمرة لتعزيز الشمولية الحقيقية.

مصنع المعاصرون للأكياس المنسوجة: نموذج للشمولية

مصنع المعاصرون للأكياس المنسوجة وضع معيارًا جديدًا لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة في الأردن. يوظف المصنع 127 عاملًا، من بينهم 11 شابًا وشابة من ذوي الإعاقات الظاهرة وغير الظاهرة. ومن الجدير بالذكر أن هذا الدمج لا يعتمد على الامتثال القانوني، بل ينبع من التزام عميق بالمساواة والتمكين. وقد أظهرت إدارة المصنع أن توفير فرص عمل ذات معنى للأشخاص ذوي الإعاقة ليس فقط أمرًا أخلاقيًا صحيحًا، بل هو أيضًا مفيد استراتيجيًا.

تؤكد السيدة هديل أبو صوفة، المديرة العامة وصاحبة المصنع، على فلسفة الشركة بقولها: "أداؤهم يساوي أداء زملائهم. وأحيانًا يتفوقون على زملائهم". يعكس هذا التصريح القوي اعتراف الشركة بالمواهب والقدرات الفريدة التي يجلبها الأشخاص ذوو الإعاقة إلى بيئة العمل.

خلق بيئة شاملة

في مصنع المعاصرون، الشمولية ليست مجرد سياسة، بل هي ممارسة متجذرة في عمليات الشركة. وقد أظهرت الإدارة حرصها على تنفيذ الترتيبات المعقولة لضمان أن يتمكن كل موظف من النجاح في دوره. تشمل الإجراءات الرئيسية:

1.  خدمات النقل: توفر الشركة وسائل نقل من وإلى منازل الموظفين، مما يزيل عائقًا كبيرًا أمام مشاركة العديد من الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل.

2.  ثقافة عمل تعاونية: يعمل الموظفون ذوو الإعاقة جنبًا إلى جنب مع زملائهم في بيئة عمل متكاملة، مما يعزز روح الزمالة والاحترام المتبادل.

3.  إدارة داعمة: تراقب الإدارة احتياجات الموظفين وتدعمهم بشكل فعّال لضمان شعورهم بالقيمة والتمكين.

4.  الرضا الوظيفي: يعبر الموظفون ذوو الإعاقة عن مستويات عالية من الرضا الوظيفي، مما يعكس البيئة الداعمة والشاملة التي أوجدتها الشركة.

دمج يتجاوز الحدود

بينما يضع قانون العمل الأردني حدًا أدنى لتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة، أظهرت شركة المعاصرون أن الدمج يتجاوز مجرد تحقيق الحصص. إنه يتعلق بإطلاق العنان للإمكانات، وخلق الفرص، وبناء ثقافة عمل تقدر التنوع بجميع أشكاله.

نموذج يُحتذى به

إن التزام المعاصرون بالشمولية يشكل مثالًا ملهمًا للشركات الأخرى في الأردن وخارجها. من خلال التركيز على نقاط القوة والقدرات للأشخاص ذوي الإعاقة بدلاً من قيودهم، تمكنت الشركة من تكوين قوة عمل متنوعة ومنتجة للغاية. ويُظهر قيادة السيدة هديل أبو صوفة كيف يمكن للشركات أن تكون نموذجًا للمسؤولية الاجتماعية مع تحقيق التميز التشغيلي.

نحو مستقبل أكثر شمولية

عالميًا ومحليًا، يجب أن تتبع المزيد من المنظمات خطى الشركات من مثل مصنع المعاصرون للأكياس المنسوجة. الشمولية ليست مجرد مسألة امتثال، بل هي فرصة لبناء مجتمعات واقتصاد أقوى وأكثر ديناميكية. من خلال إعطاء الأولوية للتسهيلات المعقولة، وتعزيز الثقافات الشاملة، والاعتراف بالقيمة التي يجلبها الأفراد ذوو الإعاقة، يمكننا خلق مستقبل أكثر عدلاً وازدهارًا للجميع.